كيف تبدأ مسيرتك في الترجمة؟ التطوع كبداية

التطوع في الترجمة volunteer as a translator

سواءً أكان مستواك في اللغة الإنجليزية جيداً وتريد كسب قوتك من مهاراتك، أو كُنت طالباً في قسم الترجمة واللغة الإنجليزية وتريد أن تنطلق في مجالك، أو كُنت مدوناً تُريد إثراء محتوى مدونتك، أو أنك تُريد النهوض بلغتك نحو الأفضل وإثراء المحتوى العربي، فالترجمة طريقُك لذلك.
وإذا كُنت قد فكرت مسبقاً بالترجمة، فلا شك أن الكثير من الأسئلة دارت في ذهنك: هل أستطيع -إذا ما كانت لغتي قوية- أن أبدأ بمهنة الترجمة وأكسب منها؟ وهل يُفيد التطوع في الترجمة فعلاً لبناء الخبرة؟ وما هي محاسن التطوع ومساوئه؟ وكيف أستطيع أن أتطوع للترجمة مع جهات موثوقة ومشهورة؟
سنُحاول في هذه المقالة وفي المقالات التالية من هذه السلسلة الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها.

وسنبدأ في هذه المقالة بالحديث عن التطوّع باعتباره الخطوة الأولى في صناعة المترجم.

لماذا التطوع؟

1- التطوع يُخرِجُك من الحلقة المفرغة

تطلبُ معظم الشركات في إعلاناتها عن منصبٍ شاغرٍ خبرةً سابقة في المجال المطلوب، سواءً أكان الترجمة أو كتابة المقالات أو غيرها. ولكنك لا تملك -في بداية مسيرتك- هذه الخبرة المطلوبة. والمعضلة أن الخبرة تكتسب عن طريق العمل، والعمل يحتاج لخبرة!
هُنا يأتي دور التطوع في إخراجك من هذه الحلقة المُفرغة. فهو يزوّدك بالخبرة المطلوبة لتحصل على فرصة العمل هذه. وعندما تملك بعض المقالات المترجمة مع جهة ما، أو بعض الفيديوهات والترجمات المنشورة على موقع موثوق فيمكنك الاعتماد عليها كدلائل على امتلاكك لتجربة سابقة في الترجمة.

2- التطوع يمنحك خبرة فعلية في الترجمة

توجدُ المعضلةُ السابقة في كل مجالات العمل. ولكن للخبرة أهميّة إضافيّة في الترجمة تحديداً. ذلك أن المترجم بدون تجربة سابقة في الترجمة لا يُعد مترجماً. فالكثير ممن يدّعي قدرته على الترجمة هذه الأيام لا يملك أي تجربة سابقة في الترجمة، وإنما يعتمد على مهاراته في اللغة كدليل على ادعائه هذا. والحقيقة أن هؤلاء لا يُعدّون مترجمين فعلاً. لأن المعرفة باللغة لا تكفي لتصبح مترجماً. إذ يجب أن يمتلك المترجم مهارات عديدة غير مهارات اللغة حتى يُصبح مترجماً حقيقياً. ومنها مهارات الكتابة والبحث وحب القراءة والاطلاع والتنظيم والفضول ومهارات الحاسوب وغيرها. وتستطيع اكتساب كثير من هذه المهارات عن طريق التطوع أيضاً.

 Skill of a good translator
3- الاستفادة من ملاحظات المدققين وذوي الخبرة

تتم عملية الترجمة في معظم الجهات -ممن تتيح لك التطوّع معها كمترجم- وفق خطوات محددة. بحيث يُشرِفُ على عمل المترجم فيها مُدققٌ أو أكثر من ذوي الخبرة بهدف ضمان جودة الترجمة. وتُتيحُ لهؤلاء المدققين أن يتركوا ملاحظاتهم للمترجم ليتطوّر وتتحسّن ترجمته. تُعد هذه الملاحظات هامّة جداً للمترجم الجديد إذ توفّر عليه الكثير من الوقت والتخبّط في بداية مسيرته. كما توفّر بعض هذه الجهات برامج وكورسات وورشات مخصصة للمترجمين الجدد ليُطوّروا مهاراتهم في بيئة متعاونة من المترجمين الخبيرين. وسنتحدث عن الجهات التي تُتيح التطوع معها في مجال الترجمة والبرامج التي تُقدّمها بشيءٍ من التفصيل في المقالة القادمة بإذن الله.

4- يُتيح لك التطوع تشكيل شبكة من المترجمين

وهذا أمرٌ مفيدٌ جداً من عدّة نواحٍ. فهؤلاء المترجمون سيصلونك بجهات جديدة وبالتالي ستتعرف على فرص عمل جديدة ويُتاح لك الانضمام لفرق ترجمة وشركات ووكالات جديدة. كما أن تكوين علاقات مع من يسبقك من المترجمين في الخبرة والمهارة والتجربة سيُعينك في بناء مسيرتك أنت من خلال ملاحظاتهم ونصائحهم. وأخيراً فإن شبكة العلاقات هامة جداً في بناء حساب لينكدإن فعّال ونشط.

5- التطوع يُبقيك على صلة بالترجمة

بما أن العمل الحر متقلّب كما ذكرنا في المقالة السابقة. فإنك ستمر بفترات لا يكون لديك فيها أي عمل وستنقطع عن الترجمة، وقد تطول هذه الفترة. لذلك ولكي لا تفقد مهاراتك في الترجمة نتيجة النسيان، فإن التطوّع يتيح لك العمل في أوقات فراغك بحيث لا يؤثر ذلك على عملك المدفوع، وفي نفس الوقت تُحافظ على صلتك بالترجمة.

كل ما سبق لا يعني أن التطوّع خطوةٌ لا غنى عنها. فالبعض تَمكّن من البدء بدونه. ولكن الأفضل برأيي أن تتطوع لبضعة أشهر على الأقل كمترجم قبل أن تحاول التقدّم لفرص العمل المدفوع. وذلك كي تتعرف على أساليب الترجمة وتكوّن فكرة عن آلية العمل وتصبح أكثر احترافية في عملك.
ومن الممكن أيضاً أن تتطوع وبنفس الوقت تتقدّم للحصول على فرصة عمل. وذلك لاختصار الوقت، واكتساب تجربة في طريقة التقدّم على الفرص، والتعرّف على المهارات المطلوبة في سوق الترجمة كي تحاول التركيز عليها في عملك التطوعي.

يجب عليك أيضاً أن تنتقي في تطوعك جهة معروفةً توثّق عملك وتمنحك شهادة خبرة. وبحيث تتوافق أهداف هذه الجهة مع أهدافك وتُلبّي المهارات التي تتطلع لاكتسابها وتملك برامجاً لدعم المترجمين الجدد. وسنتحدث عن هذه الجهات بالتفصيل في المقالة القادمة.

ماذا غير التطوع؟

1- انتبه من مُمتصي الطاقة

أؤكد لك -بعد حوالي الـ4 سنوات من العمل في هذا المجال- أن أحد أصعب التحديات التي ستواجهك في مسيرتك هي مصاصو الطاقة الذين يشغلونك بالعديد من المهام الجانبية مستجدين عطفك بكلمة “اخدمني هذه الخدمة”. لا أقول لك لا تفعل خيراً ولا تساعد أحداً. ولكن انتبه لكي لا يأخذ ذلك الكثير من وقتك فيستنزف طاقتك ويشتتك عن هدفك الرئيسي.
كما ذكرنا فإن التطوع ضروري في الترجمة. ولكن هذا لا يعني أن تعمل مع أي جهة أو أن تترجم بلا هدف واضح. فاختيار الجهة التي تترجم لها أمرٌ هام للغاية أيضاً.

2- اقرأ كثيراً واطلع على ثقافة من تترجم لهم

يُعدُّ حب القراءة والبحث والفضول من ميزات المترجم الجيّد. فكثيراً ما يتوجّب على المترجم أن يبحث بالساعات عن معنى مفردة أو مصطلح ويطالع العديد من المقالات ويتصفح العديد من المواقع ليجد الترجمة الأمثل لهذه المفردة. ولذلك يُعد غوغل وويكيبيديا رفاق المترجم في مسيرته.
ومن الأمور التي تُسهّل عليك عملية الترجمة فهمُ عادات من تترجم لهم وإليهم، والاطلاع على ثقافتهم وطريقة تفكيرهم واهتماماتهم. سواءً أكان ذلك عن طريق قراءة كتبهم أو مشاهدة أفلامهم أو الاحتكاك معهم بشتّى الطرق.

3- تَخَصَّصْ في الترجمة

مجالُ الترجمة واسعٌ جداً ولا يُمكن لشخص الإلمام بكل أنواعها ومجالاتها واختصاصاتها. لذلك اختر تخصصاً وطوّر نفسك فيه. وهنا أنصح باختيار المجال الذي تحبّه أو تدرسه (كالترجمة في مجال الطب والصحة أو الترجمة القانونية أو التقنيّة أو الأدبية أو العلمية وغيرها).
يُمكنك أيضاً أن تختار نوعاً محدداً من الترجمة حسب رغباتك وأهدافك (كـترجمة الوسائط والفيديوهات أو الترجمة الفورية أو ترجمة المواقع أو ترجمة وتحرير المقالات وغيرها) ومن ثم تطوّر مهاراتك فيها وتتدرّب على البرامج المستخدمة في كل نوع.
يُعد هذا التنوّع الكبير في مجال الترجمة من ميزاتها. إذ يُمكن لطالبٍ في كلية الهندسة المعلوماتية مثلاً أن يستفيد من ترجمة المقالات التقنية مادياً وعلمياً في نفس الوقت، وهلم جراً.

4- تعلّم الأخطاء الشائعة في الترجمة وقواعد اللغة التي تُترجم إليها

5- انتصح واسأل مترجماً خبيراً

6- تعرّف على أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب CAT

 

كانت هذه بعض النصائح التي استفدت منها شخصياً في بداية مسيرتي كمترجم. أتمنى أن تستفيد منها أيضاً. وإن كنت تملك أي نصيحة للمترجمين الجُدد فشاركها معنا في التعليقات.
لا تنسى أخيراً أن تتابعنا لمعرفة الجهات التي يُمكنك التطوع معها وميّزات ومساوئ كل منها في المقالة القادمة.


وسوم المقالة

4 أفكار عن “كيف تبدأ مسيرتك في الترجمة؟ التطوع كبداية”

اترك تعليقاً

Dr Hamzeh Koumakli Blog

Scroll to Top